أخبار عاجلة

ثقافة : خالد دومة يكتب.. الطوق الذهبي

ثقافة : خالد دومة يكتب.. الطوق الذهبي
ثقافة : خالد دومة يكتب.. الطوق الذهبي

الخميس 2 نوفمبر 2023 11:33 مساءً

إن السدود المنيعة، أمام العقل، والتي تقف حجر عثرة، في طريق تحرره، فتمنعه من أن يجول ويصول، وينطلق من عقاله، بسبب عقائد بعض الناس الباطلة، التي لا تنفع، بل تضر، ولكنها عاشت معهم، وكبرت في خلاياهم، وأمتزجت بنفوسهم، وعاشوا لها وبها، دون أن يحاولوا، أن ينظروا فيها، ويُعمِلوا عقولهم، ويعرفوا فضائلها ورذائلها، وباتوا يتعبدون في محرابها، وظنوها فتحا، وكمال مطلق، وسداد في الرأي، وهي النجاة. فالوقوف أمهامها ونقدها، يعد كفرا، كأنما هي دين منزل من السماء، وهي لا تمت لدين، ولا عقل، بل هي تناقضه في أصولها. إنما هي أهواء ألصقوها به، فصارت وكأنها دين، ومع الأيام أصبحت هي الحقيقة، وسواها المزيف، لم يكن هناك دين يحجر على الفكر، إنما دافع عنه، وحرض العقل على العمل، وأن يتحلل من القيود التي تمنعه.

كل جماعة تحيط عقلها بطوق، لا تتعداه، قراءات معينة، مباديء تأخذها كقواعد مسلم بها، كل حركاتها تدور في نطاق محدود بسياج من حديد، فلكل جماعة هذا السور الذي يحيط بكيانها، إنه لا تطلع على غير ما ألفت، وما صرح به القيادات التي ورثوها أيضا عن أسلافهم، إنها لا تحاول أن تطلع على أراء وأفكار الأخرين ممن يخالفونها، في فكرها، حتى إذا أنتقدت، أنتقدت عن علم، وعن بينة. فكل جماعة هي مجموعة من المعتقدات، الغير قابلة للطعن، أو النقد. إنهم لا يبالون حتى بما يدور خارج جماعتهم، حتى في الحياة العامة، حتى فيما يشترك فيه الجميع من أمور، تهم الكل والجميع. ما هي عواقب ذلك الحيز والنطاق، والأسلاكة الشائكة المضروبة حول الجماعات المختلفة؟ عواقبها وخيمة. إن ضررها في محدودية فكرها، في العداء الذي ينجم عن النظرة الواحدة، والرأي الواحد، وكل ما عداه، هو الخطأ، وإن ما تراه الجماعة هو عين الصواب، عواقب ذلك هو الجمود، هو العودة إلى عهود وأزمان بِيدت وأنتهت، يعلو فيها صوت القوة، على صوت العقل، على الفكر، إن الخسارة جسيمة، إذا كان الإيمان بالتعدد والاختلاف، أن يوصم بالخطأ والهلاك، أن يؤمن كل واحد بما يراه، ثم هو يحارب كل فكر، لا يتوافق مع فكره، وكل رأي لا يرى ما يراه، إننا في حاجة إلى تصحيح مفاهيم، هي السبب الرئيسي في تلك الرجعية الشنيعة، التي تلتصق بنا، أن تؤمن فذلك شيء رائع، أم أن تحارب كل ما يخالف إيمانك، فهذه هي الرجعية التي تناقض إيمانك الصحيح، الذي تدعية. إذا كانت المعتقدات الدينية، وهي أرفع ما يعتقد، ويؤمن بها الإنسان، لا تجبر أحد على اعتناقها، ولا تدعي، إنها هي، ولا شيء قبلها ولا شيء بعدها. لا تقول كما تقول الجماعات، لا تدعي إدعائها، إنما هي تعلم، علم اليقين، إنه لابد من اختلاف، وتعدد، إنك لا تقدر على جمع الناس كالآت على رأي واحد، ولا في صعيد واحد، يهتفون بشيء واحد، كل جماعة لها كتبها، ومشايخها، التي لا تتعداه، ولا تنظر إلى غيرها، تحفظ وتجتهد فيما أجتهد فيه أصحابها، الموضوعات التي شغلت الأسلاف تشغل الجيل الفائت، والجيل الحاضر، وسوف تشغل الجيل القادم، إنما هي نفس الدائرة، بنفس الضيق، بنفس الحجم، كأنها أجرام تدور في فلك مقدر لها. 


المصدر : ثقافة : خالد دومة يكتب.. الطوق الذهبي

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى