الخميس 2 مايو 2024 10:00 مساءً
يتزايد عدد النساء اللاتي يخترن عدم الإنجاب، في حين يُلاحظ أن معدل المواليد العالمي آخذ في الانخفاض.
تختلف أسباب أولئك الذين يتخذون قرار "عدم إنجاب الأطفال باختيارهم"، إما بسبب المخاوف المناخية أو المخاوف المالية أو المضاعفات الصحية، لكنهم يقولون إن خيارهم في أغلب الأحيان لا يكون مقبولاً من قبل مجتمعهم المحيط، ما يجعلهم ما يجعلهم يشعرون في كثير من الأحيان بأنهم منبوذون.
تحدثت بي بي سي مع أعضاء مجموعة " نساء بريستول بدون أطفال"، وهي مجموعة اجتماعية تضم أكثر من 500 سيدة، أنشأتها نساء من أجل أولئك النساء اللاتي قررن عدم إنجاب الأطفال.
بينما كانت كارولين ميتشل تعلم دائمًا أنها لا تريد الأطفال أبدًا، إلا أنها لم تكن مستعدة للمرحلة الصعبة، وهي مرحلة الوصول إلى "سن الإنجاب". وتقول السيدة البالغة من العمر 46 عامًا، والتي تعيش مع زوجها في منطقة "بريسلينجتون" في مدينة بريستول في بريطانيا، إنه على الرغم من أن الأمر لم يكن يزعجها أبدًا عندما كانت أصغر سنًا، إلا أنها لم تتوقع وابلًا من الأسئلة الشخصية التي ستواجهها بعدما بدأ الأصدقاء والمعارف في إنجاب الأطفال.
وتضيف كارولين :"لقد شعرت وكأنني غريبة الأطوار.. أشعر أن وجهة نظري وتجربتي غير مقبولة."
تعتقد كارولين أن المجتمع تم تصميمه كي يخدم " الأمومة"، ما يجعلها تشعر بأنها مستبعدة تماما من الكثير من الأنشطة في الحياة، وتضيف :"من الصعب جدًا بالنسبة لي أن ألتقي بالناس، لأنه في في العادة تقابل النساء بعضهم عند بوابات المدرسة أو نوادي الكتابة للأمهات.
لكن المفارقة، أنه في كثير من الأحيان تعتقد الأمهات أن "العالم كله" مهيأ للنساء اللاتي ليس لديهن أطفال، وفق تعبير كارولين، على الرغم من أن الواقع " إقصائي جداً" لهذه الفئة من النساء.
العديد من الأصدقاء في دائرة كارولين لديهم أطفال، وعلى الرغم من أنهم لم يفعلوا أبدًا أي شيء يجعلها تشعر بأنها مختلفة، إلا أن حقيقة أنهم "يفعلون جميعًا شيئًا واحدًا" وهي تفعل شيئًا آخر كان "صعبًا للغاية".
في حين أن كارولين "متأكدة بنسبة مئة في المئة ومرتاحة للغاية" لخيارها، إلا أنها تعترف بأنها "تألمت" في بعض الأحيان بسبب قرارها.
وقالت إن ذلك يرجع إلى "التوقعات الثقافية" لما هو طبيعي ومفهوم للمرأة، إذ يعتبر إنجاب طفل هو "الشيء الطبيعي الذي يجب القيام به".
وتظهر الأرقام الرسمية الصادرة في عام 2022 أن أعداداً قياسية من النساء في إنجلترا يصلن إلى سن الثلاثين دون أن ينجبن.
ووفق مكتب الإحصاءات الوطنية، فإن أكثر من نصف النساء (50.1 في المئة) في إنجلترا وويلز ممن ولدن في عام 1990 كن بدون أطفال عندما بلغن الثلاثين من العمر في عام 2020، وهو الجيل الأول الذي تسجل بحقه هذه الأرقام.
كانت ميغان ستانلي، وهي في الأصل من مقاطعة "أوكسفوردشاير" وتعيش في مدينة بريستول في بريطانيا، متأكدة جدًا من قرارها بعدم إنجاب الأطفال، وكانت تحاول الخضوع لإجراء جراحي يجعلها عقيمة منذ أن كان عمرها 19 عامًا.
إذ أنه عندما يتعلق الأمر بالدورة الشهرية المؤلمة، ترى ميغان إنه من "القسوة" أن تمر "بالمعاناة كل شهر من أجل وظيفة الجسم" التي تشعر بأنها لا تريدها، لذا فكرت في إجراء عملية تمنعها من الحمل، لكن الفتاة البالغة من العمر 31 عامًا قالت إنها واجهت عقبة تلو الأخرى.
وأضافت:"سيقول الأطباء أنت لا تزالين صغيرة بعض الشيء أو قد تغيرين رأيك".
فيما كان أقصى ما حصلت عليه ميغان كان عندما كان عمرها 29 عامًا هو موعد مع طبيب جرّاح مختص في أمراض النساء على أمل إجراء العملية، فأعدّت لأجله شيء، من تاريخها الطبي إلى التحضر للنقاش بشكل منطقي، حتى أنها حصلت على شهادة من المعالج النفسي الذي كانت تزوره، وتقول :"لقد بذلت قصارى جهدي".
ومع ذلك، لم يتم منح الإذن بإجراء العملية لميغان بمجرد أن سألها الطبيب عن علاقتها العاطفية، تضيف ميغان:"في ذلك الوقت، كنت أواعد شريكي منذ فترة طويلة ربما لمدة ثلاثة أشهر".
أخبرت ميغان الطبيب أن شريكها أيضًا لا يريد الأطفال بالتأكيد وقد أجرى بالفعل عملية تجعله عقيماً.
"هذا جسدي أنا"
قالت ميغان إن الطبيب أخبرها بعد ذلك أنه طالما خضع شريكها لعملية العقم، فإذن لم تعد ميغان بحاجة إلى إجراء العملية، "أليس كذلك؟" سألها الطبيب، عندها قالت ميغان إنها أدركت أن الأمر "محسوم وأنهم لن يفعلوا ذلك".
تسأل ميغان "لماذا يجب أن يكون ما يحدث لجسدي متعلقاً بما يفعله شريكي بجسده؟ لقد وصلت الآن إلى النقطة التي أتوق فيها إلى انقطاع الطمث. وهذا ما أتطلع إليه."
تعتقد كارولين أن النساء اللاتي ليس لديهن أطفال قد يكن "متواطئات" في الحفاظ على التوقعات الثقافية كما هي.
وقالت: "نحن لا نتحدث عن ذلك، لذلك لا يزال هناك اعتقاد بأن الإنجاب هو ما يفعله الجميع، فالأمومة موجودة في كل مكان وفي كل الأوقات، أمامك طوال الوقت".
تضيف كارولين أنه كان من الصعب عدم التوافق مع "معايير المجتمع"، وفي بعض الأحيان، كانت تتمنى لو كانت "مختلفة.. حياتي كانت ستكون أسهل في بعض النواحي".
ترى كارولين أنه بالنسبة للعديد من النساء، بغض النظر عن الخيارات التي يتخذنها، يبدو أنهن يلومن أنفسهن بشأن ذلك و"يبدو أنهن لا يقبلن اختيار الآخرين".
تقول فيونا باولي إنها عرفت برغبتها بأنها لا تريد أن تكون أماً منذ أن كانت في الثانية عشرة من عمرها بعدما رأت والدتها تعاني من الأمومة، "كنت أعتقد أن الأمومة لا تبدو بأنها أمر ممتع"، وفق حديثها.
تدير فيونا، البالغة من العمر الآن 49 عامًا، مجموعة "نساء برستول بلا أطفال"، ورغم أنها تعاني حاليًا من أعراض انقطاع الطمث، إلا أنها "لا تشعر بالذعر" من أنها فوتت فرصتها في الإنجاب، بالنسبة لها فهو " شعور مريح للغاية"، كما تصف.
" مشاعر أنانية"
ومن المفارقات أن فيونا تنظر الآن إلى نفسها وتعتقد أنه كان بإمكانها بالفعل أن تقوم بدور "جيد جدًا في تربية الأطفال" لكنها "لم تكن ترغب في ذلك أبدًا بما فيه الكفاية".
ومع ذلك، مثل كارولين وميغان، قالت إن الأشخاص الجدد الذين تلتقي بهم يمكن أن يتفاعلوا بشكل سلبي عندما تخبرهم أنها اختارت عدم إنجاب الأطفال،وتضيف " يُقال أنك ستندم على ذلك، ويقال ما هو الهدف من وجودك؟ فإذا لم يكن لديك أطفال، فأنتِ غير مؤهلة كامرأة".
حتى أن فيونا وُصفت بأنها "أنانية" وتساءل البعض عمن سيعتني بها عندما تكبر، فيما تعلق فيونا على ردّ فعل المجتمع المحيط على قرارها وتقول "يبدو الأمر كما لو أن الناس يشعرون بالانزعاج .. لم يخطر ببالهم مطلقًا أن هم أيضاً لديهم خيارًا".
وتتفق ميغان مع فيونا حول رأي المجتمع بقرارها، وتقول إن رد الفعل على عدم رغبتها في إنجاب الأطفال في الماضي كان "غريزيًا" تمامًا، وتدعي أن بعض الناس رسموها على أنها "كارهة للأطفال" أو أنها شخص لئيم بسبب ذلك، لكنها تقول إن عدم رغبتها في إنجاب الأطفال هو "مجرد شيء فطري" بالنسبة لها.
تعتقد فيونا أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس يقررون عدم إنجاب الأطفال.
بالنظر إلى الوراء، ترى أن أسبابها الخاصة كانت "على الأرجح غير صحية تمامًا"، لكنها تعلم أنها لن "تستيقظ فجأة كسيدة عجوز وتشعر بالمرارة والندم".
تتوقع كارولين أنها ستكون "أماً تعيسة"، مضيفة أن هناك "قدراً كبيراً من الإيجابيات" لعدم إنجاب الأطفال، مثل تركيز وقتها على علاقتها مع زوجها وهواياتها، وهو ما توافقها ميغان عليه، وتضيف :"هناك الكثير من السعادة في عدم إنجاب الأطفال .. فالأمر لا يتعلق بالحرية والمال فقط. الأمر يتعلق بالاختيار."
المصدر : أخبار العالم : " أشعر أنني منبوذة لأنني لا أريد إنجاب أطفال"
أخبار متعلقة :