الثلاثاء 5 مارس 2024 07:22 صباحاً
عربي ودولي
28
صفقة ما قبل الصيام تتأرجح
❖ رام الله - محمـد الرنتيسي
تمضي دولة الاحتلال الصهيوني في حرب الإبادة والتطهير العرقي، التي تشنها بكل ما أوتيت من سادية وإجرام على قطاع غزة، وبدأت كرتها تتدحرج لتطال سائر أرجاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، لكن الأصوات السياسية التي تقودها قطر بالتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية، لا تتردد في مساعيها بما يدفع الاحتلال للإمساك عن القتل والمجازر اليومية، قبل إمساك الفلسطينيين عن الطعام والشراب إيذاناً بحلول شهر رمضان المبارك.
أصوات الدبلوماسية التي انطلقت من الدوحة، بكل جدواها وما تملكه من قوة تأثير وسابق تجربة، بدأ يمتد وهجها ليطال عواصم عربية وأوروبية، من القاهرة الى باريس، في اطار الجهود لوقف الحرب قبل ولادة هلال الشهر الفضيل.
ورغم أن الاحتلال ما زال يضرب بكل القيم الانسانية عرض الحائط، من خلال الإصرار على التوسع في عدوانه وجرائمه، وآخر فصولها تجويع الفلسطينيين في غزة، من خلال منع دخول المساعدات الإغاثية، والمضي في هدم ما تبقى من منازل فوق رؤوس ساكنيها، ودفع المواطنين على الهجرة إلى ما يسمى زوراً بـ»مناطق آمنة» إلا أن تأثير الدبلوماسية التي تقودها قطر بدأ يتغلغل في أوساط الشعوب العربية والأوروبية، إذ أصبح شغلها الشاغل وقف العدوان الدموي على غزة، قبل حلول شهر رمضان. تبتعد الآمال وتقترب، بفعل المفاوضات الجارية على مدار الساعة في كل من الدوحة والقاهرة وباريس، ولكن وفق الكثير من المراقبين والمحللين، فإن المساعي السياسية باتت قريبة من انجاز المرحة الأولى للتهدئة الثانية، وما سوف يتخللها من تبادل للأسرى، وتسريع وتيرة إدخال المساعدات الإغاثية.
واستناداً إلى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله، فإن الاحتلال ما زال يناور، بحيث يقول (نعم، ولكن) ويفجر كل ألغامه في الـ «لكن» منتظراً استسلام الطرف الآخر لشروطه، حتى يظهر بصورة المنتصر، ومن يفرض شروطه للتهدئة. ويضيف: «المرونة التي قدمتها حركة حماس وفقاً لأطراف الوساطة، أعادت إحياء الأمل بـ»رمضان بلا حرب» لكن الاحتلال الذي يحترف المناورة، ويعول على تخفيض سقوف الآخرين، يدرك أن الصفقة المرتقبة، ستقطع الطريق على مشروعه التطهيري، فهو يمارس التجويع ضد المواطنين في قطاع غزة لتفريغه، وهذا ما هدف إليه منذ بداية عدوانه في 7 أكتوبر».
وما رشح من مفاوضات التهدئة الثانية، ربما يرفع سقف التفاؤل، فمن جهة ستوقف الصفقة الهجوم على رفح (أقله خلال شهر رمضان) وستعيد النازحين إلى شمال غزة، وإذا ما قدر لجهود الوساطة أن ترى النور، فإنها ستوقف حرب التجويع من خلال إدخال قوافل المساعدات الإغاثية للسكان الجوعى.
وتبدو رغبة الأطراف الراعية لمفاوضات التهدئة، جلية، بإعادة سيوف الحرب إلى أغمادها قبل حلول شهر رمضان المبارك، لكنها تصطدم بين الحين والآخر، بسياسة نتنياهو المخادعة، إذ يهدف إلى استمرار العدوان (لأسباب شخصية) يدركها الجميع، بحيث لا يتعاطى بذات المرونة التي تبديها حركة حماس.
وارتقى في قطاع غزة منذ بدء العدوان الدموي التطهيري ما يقارب الـ30 ألف فلسطيني، وأضعافهم من المصابين والمفقودين، بينما نزح مليون ونصف المليون فلسطيني، لكن هذا لم يجلب النصر للاحتلال كما يحاول قادته أن يروجوا في الشارع الإسرائيلي، فما زالت المقاومة على الأرض تضرب ملء شجاعتها، وتكبده أفدح الخسائر.
ويجمع مراقبون أن هذه الحرب الجنونية على قطاع غزة، عادت على الكيان الصهيوني بنتائج كارثية، فحتى لو كان جيشهم يتقدم عسكرياً (كما يروجون) فإن اقتصادهم يتدمر يوماً إثر يوم، كما أن الشارع الإسرائيلي بات يغلي لإداركه الحقيقة، بأن الحل لا يكون فقط بمنطق القوة الغاشمة، وأن المستقبل لن يكون إلا لأصحاب الحق الشرعيين.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية