الأحد 10 نوفمبر 2024 09:08 مساءً
- مـقـالات
عبد السلام بدر
عبد السلام بدر
رسالة مِن فقراء مِصر إلى أثريائها:
نرجوكم.. دَعُوا الفقراء بهمومِهم، لا تُحَدِّثوهم عن الصَّبرِ الجميل، والرِّضاٰ بالقليل، وانتظار الغَد الأفضل. ولا تُردِّدوا أسماءَ أوطانٍ تحيا مأساةٍ إنسانيةٍ مِن الجُوعِ والخَوفِ والتَشرُّد ليكون فُقراء مصرَ حامِدُينَ الله شاكرينهُ ومُمتنّين لحكومَتِهِم على ما يَنعمون به مِن أمن، وأمان.
واعلموا أنهم قد يكونون رغم مُعاناتِهم وقسوةِ معيشتِهم أكثرَ مِنْكم وَعيًا وإدراكًا للأوضاع الداخلية، والخارجية وأحرْصَ منكم في متابعة ما يجري في بلاد الجوار المنكوبة كما يعرفون الفَرقَ بين موارد مِصر الطبيعية والصناعية وما ينقصُ أو غير موجود لدىٰ تلك البلاد.
دعوا الفقراء ما دُمتم لا تَرغَبون في مُساعدَتهم فَهُم أكثرَ منكم تحمُلاً ومِمَن تضربون بهم الأمثال لإسكاتهم.
* احترموا عقولَ الفقراءِ ومشاعِرَهم، ولا تستفزوهم ببرودِكم وتصرُّفاتِكم، وصُورِ أفراحِكم ومطالباتكم السَخيفةِ لهم بالصَّبرِ عَبْرَ إعلامِكم المأجور، وارفِقوا بِهم فلا تُحدِثوهم عن مظاهرِ حياتكم المُرَفَّهة فتُشْعِروهُم بفقْرِهم، وعَجْزِهِم عَن نيلِ القليل من احتياجاتهم الضَرورية لإبقائهم أحياء..
* دعوا الفقراء لشئونهم، وانشغلوا بشئونكم، تَحدَّثوا عنها، وتفاخروا (فيما بينكم وليس على الملأ) بملياراتِكم، ومُمتلَكاتِكم داخل مصر، وخارجها ومُنتَجعاتكم وطائراتِكم الخاصة وسيارات أبنائِكم الفارهة، ومراقصهم وحفلاتهم الصاخبة بسُكْرهِم وأدخِنتَهم المُخَدِّرة. بينما الفقراء يوقدون لأطفالهم نارًا على قدورٍ مملوءةٍ بالماء، والحَصىٰ عَسَاهُم يَرقُدون.
ولا تنسوا أن شبابَهم فَلذاتِ أكبادِهِم المُجنَّدين إجباريًا والمُتطوِّعين لتخيفِ العِبءْ عن أُسرِهم يواجهون الموتَ بكلِ أسبابهِ (من إرهابٍ وطبيعةِ أرضٍ وظروفٍ مناخية قاسية) لحمايةِ الحدود فداءً للوطن، ولتنعموا أنتمْ وأبناؤكم بالأمن والرفاهية.
* الفقراء يا سادة (ربما) كانوا أكثرَ مِن بعضِكُم وطنية ووعياً فطرياً وإدراكاً بضرورةِ دَعمِ الدولة، والحفاظ عليها، وهم الأكثر إقبالاً على صناديق الاستفتاءات والانتخابات والأكثر مشاركةً مُجتمَعيِّة خَدمِيَّة دَّاعمة لجهودِ الدولة. والأكثر مِنْكُم التفافًا حول قيادتِهم السِياسِّية كجبهةٍ داخليةٍ صُلْبة، وظهيرٍ شَعْبيٍ قوي.
* كُفوا عن المتاجرة بأوجاعِهم ومحاولاتِكُم السَاذَجةِ لإظهار تعاطُفِكُم معهم.
* الفقراء يا سادة صامدونَ وصابرونَ بِحُكْمِ اعتيادِهِم قسوةَ حياتهِم، متفائلونَ بقدرِ وَعْيهم وتحمُّلهِم، وبقدرِ اتساع مِساحة رؤيتهم لِمُبَشِّراتِ الغَدِ، ودلالاته الواقعية دون الالتفات لنُصْحِكُم وشعاراتِكُم، وجَعْجَعاتِ أبواقِكم الإعلامية الكاذبة.
( نكمل لاحقًا)
المصدر : فضفضة في الشأن العام (٢).. !!